مع إنهيار أسعر النفط ستفلس أغلب الدول المنتجة والتي تعتمد كليًا على
مداخيله كالدول الخليجية والجزائر وفنزويلا إذا استثنينا قطر لتي تعتمد في
صادراتها على الغاز بشكل أساسي , ونجد أن روسيا هي التي تعمّدت زيادة الإنتاج وخفض
الأسعار , فماذاتريد روسيا من دول الخليج ؟
فلو عدنا إلى الأسعار قبل الأزمة لوجدناه في قمّة ال 75 دولار قبل مدّة
ليست بالبعيد ثم فجأة نزل إلى حوالي 45 دولار , بعدها إنتعشت السوق وارتفع مرّة
أخرى إلى حدود ال 65 دولار وفجأة إنهار السوق إلى مادون 32 دولار للبرميل الواحد
فما سبب كلّ هذا ؟
كما نعلم بأنّه كان هنالك إتّفاق يسمّى أوبك + أي أوبك زائد روسيا , حيث
إتّفق أعضاء الأوبك مع روسيا لأنّها ثاني أكبر مصدّر للبترول بعد السعودية ,
فلماذا روسيا ليست ضمن أعضاء الأوبك ؟
لأنّ الأوبك متواجد مقرّها بأمريكا مما يسهل التّحكّم بها كيفما شاؤوا أي
أنّهم من يحدّدون كمّية الإنتاج وسعره عالميًا , وقد رأينا مسبقًا كيف تمّ إستخدام
الأوبك في تدمير دول وإسقاط حكومات وتغيير أنظمة , أي أنّ المسألة ليس لها علاقة
بالإقتصاد نهائيًا بل مسألة سياسية عسكرية بحتة
وقد سبق وأن إتّفقت أوبك مع روسيا على حصص الإنتاج والتّصدير لكل دولة ,
لكن هذا الإتّفاق إنتهى في شهر مارس الجاري , أي خلال 15 يوم مضت
فلمّا إكتمل الإتّفاق طلع وزيرالبترول الروسي وصرّح بأنّه سيزيد الإنتاج وسيدمّر
الأسعار
لكن الإقتصاد الروسي يعتمد على البترول والغاز أي أنّه سيطعن نفسه من هذا
الإجراء , فلم يأبه الرّوس لذلك , فردّت السعودية بزيادة الإنتاج وتخفيض الأسعار
وكل واحدة منهما مصمّمة على إجرائها وقرارها
إذن روسيا ماذا تريد ؟ من هي الدول التي ستستفيذ والدّول التي ستتضرّر ؟
إذا رجعنا إلى أرباح كل دولة فنجد بأنّ السعودية هي أكبر الرّابحين ب 182مليار
دولار سنويًا وبما أنّ السعر إنهار إلى النّصف تقريبًا فهذا يعني بأنّ السعودية
ستخسر أكثر من 100 مليار دولار سنويًا , زغذا رجعنا إلى حجم الموازنة السعودية
لوجدناها حوالي 300 مليار دولار سنويًا أي أنّها ستتقلّص إلى 200 مليار دولار مما
يؤدّي إلى خسائر فادحة في البورصة وإنهيار إقتصادي كبير مما سيسبّب أزمة داخليّة
ودولية لها
بعد السعودية تأتي روسيا ب أرباح سنوية تقدّر ب 129 ملياردولار سنويًا أي
أنّها ستخسر حوالي 70 مليار دولار
وبعد روسيا تأتي العراق في المتبة الثالثة بصادرات بلغت 91 مليار دولار أي
ستخسر حوالي 40 مليار دولار , وتخيّل ماذا سيحصل في بلد مثل العراق إذ أنّ البلاد
في إفلاس والأوضاع سيّئة ضف إلى المظاهرات الشعبية والإضطرابات الحاصلة ,
والمستفيذ من كلّ هذا داخل العراق هو أميركا , إذ أنّها تحاول طرد الصين إقتصاديا وإيران
عسكريًا من داخل العراق
أيضًا كندا والإمارات والكويت والجزائر , إذ أنّهم سيخسرون الكثير أيضًا ,
ومن كلّ هذا فأكبر مستفيذ من إنخفاض أسعار النفط هي أميركا , وبما أنّ
روسيا هي من تسبّبت في هذه الأزمة فهي تعرف بالضّبط من الخاسر ومن المستفيذ ,
فلماذا عمدت روسيا إلى إضافة أرباح أكثر إلى أمريكا رغم أنّها خاسرة في هذه
المناورة أكثر من 70 مليار دولار ؟!!!!!
لأجل من فعلت روسيا كلّ هذا ؟ هل لإجل الإقتصاد الأميركي ؟ طبعًا لا ,
الجواب سيكون ربّما صادم ,,,, روسيا فعلت كلّ هذا
من أجل الرئيس ترمب , إذ أنّه سيدخل الإنتخابات هذا العام , وبما أن الإقتصاد
الأمريكي سيصعد إلى أعلى مستوياته فسيفرح الأمريكيون المادّيون بهذا الإنجاز
العظيم لترمب وسيعيد إنتخابه مرّة أخرى لرئاسة أميركا
, فبعد قيام روسيا بتزوير إنتخابات أمريكا من خلال
التلاعب في الفيس بوك وما شابه ورجّحت الكفّة لترمب
وهي الآن تزوّر الإنتخابات من جديد من خلال
التلاعب في أسعار النفط
وكما قلنا سابقًا فإن خسائر روسيا من أسعار النفط
هي حوالي 70 مليار دولا فهي تعتبر كتمويل للحملة الإنتخابية للرئيس ترمب
إحتمال كبير بأنّ روسيا والسعودية نسّقتا مع
بعضهما البعض من أجل تمويل حملة ترمب المسبقة, لكن يبقى هذا مجرّد إحتمال وارد الحدوث كون أن
السعودية ستخسر الكثير والكثير وسيؤدّي هذا إلى إفلاس شركاتها بشكل كبير , وإن حدث
هذا فعلًا فالسعودية لن تستفيذ شيئًا من هذا الإجراء إلّأ أنها نفّذت أوامر البيت
الأبيض , أمّا روسيا فهي ستستفيذ الكثيرلأنّها بهذا الإجراء تكون قد إتّفقت مع
ترمب على صفقات يبدأ مفعولها بعد الإنتخابات الأميركية في أكتوبر المقبل
والدّليل على كلّ هذا أنّه لمّا فاز ترمب بالرئاسة
في أمريكا سنة 2016 فأوّل ما فعله هو إصدار أمر إلى الخليجيين بإعطاء كل معلومات
الفصائل المسلّحة في سوريا إلى المخابرات الرّوسية والتي قامت بالقضاء عليها كلّها
أي أن روسيا دعّمت ترمب من أجل أخذ سوريا
لكن الآن ماذا تريد روسيا من ترمب مرّة أخرى ؟
الحقيقة أنّه كل من روسيا وحزب ترمب متّفقان على
تفكيك الإتّحاد الأوروبّي وهذا ما يفسّر خروج بريطانيا من الإتّحاد وصعود أصوات
الحركات العنصرية داخل أوروبّا التي تهدف إلى التّفكّك
وإذا رجعنا إلى التّاريخ سنجد بأنّ حرب أسعار
البترول أستعملت في إسقاط عدّة دول
فبعد حرب أكتوبر 73 صعد سعر البرميل إلى 40 دولار
بعدما كان يساوي 10 دولار ثم انهار إلى 10 دولا ر مرّة أخرى سنة 1986 وكان ذلك
لتفكيك الإتحاد السوفياتي وصعد مرّة أخرى عام 1990 بسبب حرب الخليج من أجل الإطاحة
بالعراق وتوالت الأحداث المماثلة بعد إنهيار برجي التجارة العالمين وسوقط حكم
القدافي وبداية الحرب في سوريا إلى 2016 لمّا احتلّت روسيا شبه جزيرة القرم فعمد
أوباما إلى إعطاء أوامر إلى الخليج بخفض سعر البترول وبعد فوز ترمب عادت الأسعار
إلى الصعود مرّة اخرى حتّى وصلنا إلى الأحداث الحالية .
وهكذا يتم إستعمال أسعار النفط في السياسة والحرب
والإقتصاد.
تعليقات
إرسال تعليق